الوفاء

روى لي قصص اجداده بفخر

يقول انه من اسرة مشيخة عريقة

معروفون بالكرم والنخوة وحماية الجار

ومزيج من الشجاعة والتواضع في ذات الوقت

إحدى تلك القصص لا تزال عالقة بذهني مع انني سمعت بها من عقود

يقول الشيخ

في بداية القرن الماضي

اراد احد الشيوخ المجاورين لأسرته ان يذهب للغزو

فطلب ابن شيخ القبيلة من ابيه ان يرافق الغازين

تردد الأب في الإجابة

فالإبن صغير السن ولم يسبق له المشاركة في تلك المغازي التي ربما هلك الكثير من المشاركين بها

وافق على مضض

ذهب وعاد مع الشيخ الغازي بغنائم كثيرة

عندما حل وقت توزيع الغنائم

اراد ابن الشيخ أن يأخذ ما هو متعارف عليه انه من نصيب الشيخ الغازي

حاول الشيخ أن يقنع الإبن بترك نصيبه إلا أن الإبن اصر

قام الشيخ الغازي وضرب الإبن حيث انه بمقام والده

ذهب الإبن لأبيه يشتكي

اراد الأب تطييب خاطر ابنه عن طريق التقول لفظياً على الشيخ الغازي مع انه كان على يقين بأن ابنه هو المخطئ

اعتقد الإبن انه على حق وأسرها في نفسه

بعد أيام جاء الشيخ الغازي الجار زائراً لمجلس الشيخ

تم الترحيب به اطيب ترحيب

كيف لا وهو شيخ و جار لهم

جلس لشرب القهوة

تسلل الإبن خلسة من وراء الخيمة ووضع بندقيته ذات الطلقة الواحدة و ضغط على الزناد فأنقلب الشيخ الغازي على وجهه وسالت دمائه لتصل إلى دلال القهوة التي كانت ستقدم له

ذُهل كل من كان متواجداً وساد الهرج والمرج وارتفعت الأصوات بالنحيب

دُفن الشيخ الغازي وشد اهله الرحال

فأجتمع الشيخ الأب واخوانه فقال الأخ الأصغر للشيخ

يجب ان يُقتل الإبن

فقال الأب انه لن يقدرعلى مد يده على ابنه ولكنه يتفق مع اخيه وذلك لفداحة الجرم

وفي ليلة من الليالي

قام العم بقتل ابن اخيه ثأراً لجارهم

وقاموا بعدها باللحاق بأهل الشيخ القتيل ودعوتهم لمجاورتهم مرة اخرى حيث تم دفن ابنهم بجوار الشيخ المغدور.

لم تؤثر بي تلك القصص بقدر ما اثر بي وضع هذا الشيخ الذي اشتعلت لحيته شيباً

كان ذو رتبة عسكرية متدنية

علمت انه توفي منذ سنوات بلا جنسية او ذرية